وبذلك تشتت اليهود في اقطار العالم ولم تقم لهم دولةحتى سنة 1948 بمؤامرة دولية لم تخف على أحد
ان هذه الحوادث التاريخية التي ترويها التوراة تبدو ملاصقة للحس الديني عند الاسرائيليين ، فهذا الشعب الذي يعتبر نفسه قد اوذي وتعذب منذ الاف السنين يربط تاريخه الحاضر بالماضي ويحاول ان يضع في ظلم ابائه حجر الاساس في بناء دولته،ها هو اليوم يروي لغة الاضطهاد التي عاناها منذ الاف السنين ويلهي بها العالم بينما يقوم اليوم بدور من ظلمه في هذه الايام تجاه العرب وفلسطين ،فاذا كان فرعون مصر قد قتل الاطفال الذكور فان الاسرائيليين يقتلون الطفلة والطفلة والشيوخ والنساء, والرجال التي تمتلئ سجونهم بهم، ان جرائمهم اليوم كانت سوابق لم يسبقهم اليها احد ، من حرب العصابات والمجازر ضدد الفلسطينين الى المقابر الجماعية للجنود المصريين وعناقيد الغضب ومجازر قانا وغيرها في لبنان .
يقول اليهود ان الله قد وعدهم بثلاثة وعود وهي :
- سيكون الاسرائيليون شعب الله المختار .
- شعبا مقدسا بايمانه وعبادته
- شعبا كهنوتيا لانه يعمل كوسيط بين الاله الحق وسائر البشرية .
ان هذا العهد سيبقى راسخا في اذان الاسرائيليين وهذه العقلية الاسرائيلية كانت سببا مهما لاضطهاده وتشريده . ان اعتبار الاسرائيللين انفسهم وسطاء بين الله وسائر البشر امر حولوه الى تسلط في سائر مراحلهم التاريخية .
وفقا للمعتقدات اليهودية ان الدولة الاسرائيلية تمتد من الفرات الى النيل كما جاء في النصوص الدينية (التوراة)، ابراهيم الخليل قال لابنه اسحاق لنسلك اعطي هذه الارض ... فالرد على ذلك بان كلمة لنسلك تعني العرب ايضا لانهم من نسل ابراهيم الخليل وهم اليوم المسلمون والمسيحيون العرب ابناء اسماعيل .واكثر من ذلك فعندما وعد الرب ابراهيم بارض كنعان ملكية لا تزول لم يكن اسحاق قد ولد بعد.ان اليهود فسروا النصوص الدينية كما تشاء الصهيونية التي لها اساليب استعمارية عنصرية.
نوضح نقطة اساسية ، هل كان زمن داود وسليمان دولة اسرائيلية بمعنى يهودية حقا؟ وما هي اللغة والثقافة التي كانت في فلسطين على ايامهما ؟
ان اتباع موسى بعد دخولهم فلسطين اقتبسوا اللغة الكنعانية لغة اهل البلاد، كما ان اللغة العبرية المقتبسة من الارامية التي كتب فيها التوراة لم تظهر الا في وقت متاخر ولم يكن لها وجود في عهد داود وسليمان. وان المزامير التي تعود الى عهد داود وسليمان هي من اصل كنعاني حيث كتبة في ذلك العهد باللغه الكنعانية . وهذا دليل واضح على ان فلسطين بقيت كنعانية في ثقافتها وحضارتها و لغتها زمن داوود وسليمان وان دولتهما قامت على تراث كنعاني بحت.
يجب مناقشة ما تدعيه صهيونية القرن العشرين من ان لليهود حقوقا تاريخية في فلسطين ، تفرض على اليهود من انحاء العالم كافة الرجوع اليوم اليها لاقامة دولة لهم فيها ، على اعتبار انه كانت لهم فيها دولة قبل ما يقارب الثلاثين قرنا ولذلك يرون انهم احق بان يعودوا الى ارض ابائهم واجدادهم . لنرد على هذا الزعم لنعرف مدى صحته او كذبه يجدر بنا ان نجيب على الاسئلة التالية :
- هل كانت فلسطين خالية من السكان قبل مجيء اليهود اليها ؟ وحتى لو كان لليهود تاريخ قديم في فلسطين ، هل يعطى لهم حق الاستيلاء عليها واقامة دولة لهم فيها ؟
بالنسبة للسؤال الاول ،ان فلسطين كانت المكان الذي اقام فيه الكنعانيون العرب اذ نزحوا من وطنهم الاصلي شبه الجزيرة العربية وذلك الالف الثالث قبل الميلاد . ولم ينزل العبرانيون فلسطين الا في القرن الرابع عشر قبل الميلاد فوجدوا هناك حضارة الكنعانيين . ان العبرانيين لم يولدوا في فلسطين وحتى عندما نزلوها لمدة قصيرة لم يحتلوا ابدا الاراضي التي تحتلها اسرائيل اليوم .
اذن ان العنصر العربي عاش في فلسطين قبل مجيء اليهود اليها . وظل العرب فيها بعد طرد اليهود منها ، والعرب في صدر الاسلام لم ياخذوا فلسطين من اليهود بل اخذوها من البيزنطيين خالية من اليهود حتى ان (سفر وينوس) بطريرك النصارى في القدس ا شترط على الخليفة عمر بن الخطاب الا يسمح لليهود بسكنها .
وخلاصة القول ان العبرانيين على امتداد اكثر من 4000 سنة لم يحكموا فلسطين الا 113 عام فحسب فبذلك تسقط ما تسميه الصهيونية الحجة التاريخية بان لليهود حقوقا تاريخية في فلسطين .
اما بالنسبة لسؤال هل يعد قيام الدولة اليهودية قديما بصرف النظر عن عدم استقرارها وشرعيتها سند يخول الصهاينة الحق في ان يستعيدوا فلسطين ؟
مجرد ان ارضا كان يقطنها اجداد شعب من الشعوب منذ نحو الفي سنة لا يمكن ان يخول احفاد ذلك الشعب في اي حال من الاحوال حق العودة الى سكن تلك الارض ضدد ارادة سكانها الحاليين ، والا لما كان لشعب تحت الشمس حق في الارض التي يقطنها ، ولما كان لاية دولة من دول اميركا الجنوبية او الشمالية ان يدعي سكانها بانهم مالكون شرعيون لها لان هذه الارض كانت كانت حتى القرن الخامس عشر ملكا للهنود الحمر وغيرهم. ومن ثم يحق لاعقاب هؤلاء ان يطردوا سكانها الحاليين منها.
فمثل هذا يستتبع السماح للعرب بسيادتهم على اسبانيا التي حكموها نحو ثمانية قرون . كما يحق للايطاليين الادعاء بملكية اجزاء كبيرة من فرنسا وانجلترا التى سيطر عليها اجدادهم.
ومن ناحية اخرى فان الدعوى الصهيونية تستند الى ما يسمى بالوعد الالهي بعودة اليهود الى فلسطين و يشترط ذلك طبعا ان توجد مشابهه عرقية بين يهود فلسطين منذ اربعة الاف سنة و بين يهود اليوم ،هذا الامر يطرح سؤال هام . هل اليهود جنس او عرق واحد؟
يقدر عدد اليهود اليوم 12 مليون نسمة او يزيد.وهم لا يتعدون كونهم طائفة دينية اجتماعية تضم شتى الاجناس واللغات والدماء يسكنون في دول مختلفة ومتباعدة وهم لا يمتون الى فلسطين باية صلة غير صلة الدين واكد ذلك علماء كثيرون بان اليهود ليسوا شعبا واحدا بل هم طائفة دينية تضم جماعات مختلفة من الناس اعتنقوا دينا واحدا ، ونسبة قليلة من يهود الاقطار العربية هم من نسل يعقوب واسحاق. ام يهود اوروبا الشرقية فينتسبون الي قبائل الخزر ، اما يهود اوروبا الوسطى والغربية هم من اصل اوروبي صميم اعتنقوا الدين اليهودي بعد القرن السادس الميلادي على ايدي مبشرين يهود . يقسم اليهود في العالم الى قسمين رئيسيان هما الاشكانازيم والسفرديم .
طائفة الاشكانازيم : ينتسب اليها اليهود في المانيا ، بولونيا وروسيا وهؤلاء يؤلفون تسعة اعشار يهود العالم ومنهم اكثر الذين هاجروا الي القارة الاميركية.
طائفة السفرديم : ينتسب اليها في الوقت الحاضر يهود البلاد العربية والاسلامية اكثر هؤلاء من يهود اسبانيا الذي طردهم ملك اسبانيا في القرن الخامس عشر ميلادي وايضا من يهود البرتغال الذي ابعدهم بدوره ملك البرتغالي .
وكان بين الطائفتين تنافس منذ القرن السادس عشر ميلادي ، لان يهود الاسبان والبرتغال والبلاد الاسلامية يعتبرون انفسهم اعرق نسبا واعظم شأنا من الاشكانازيم فلا يخالطوهم في المعابد ولا يزوجون بناتهم بهم. ولكن منذ القرن الثامن عشر بدأ بعض المجموعات اليهودية في اوروبا الوسطى والشرقية في الحصول على مكانة متساوية ، وقد انعكس اليوم في اسرائيل حيث ينظر اليهود الغربيون الى اليهود الشرقيين القادمين من اليمن والهند وانحاء افريقيا وايران نظرة استخفاف لتفوقهم الثقافي والاجتماعي . ويتضح مما تقدم ان اليهود الاشكانازيم الاوروبيين لم يتسنى لهم ولاجدادهم ان يزوروا فلسطين ولم يكن لهم اي صلة بها ولكن هؤلاء اليوم هم غلاة الصهيونية وزعماء الصهيونية العالمية. هذا كله يكذب الادعاءات الصهيونية ومفاهيمها بان اليهود هم شعب واحد ومن عرق واحد.
وهكذا يتبين لنا بصورة قاطعة لا تقبل الشك ان اليهود ليس لهم اي حق بفلسطين ، وان فلسطين عربية سكنها العرب الكنعانيون وحكموها وانشؤا حضارة مزدهرة ، كما ان العرب المسلمون خلفوهم في حكمها حكما متصلا بحيث برزت شخصيتها العربية مدة قرون طويلة ورغم كل محاولات التغيير الديموغرافي لفلسطين عبر تهجير أهلها من مسلمين ومسيحيين ,و استقدام جماعات يهودية من جميع انحاء العالم,فشل اليهود في تغيير الخارطة الديموغرافية لفلسطين وهذا ما يقلق الاسرائيليين بشكل كبير لذلك هم يعملون الان على القضاء على كل صوت يطالب بحق العودة,وفي هذا السياق جاءت تصريحات الرئيس الامريكي جورج بوش اخيرا والتي طالب فيها بالتخلي عن حق العودة للفلسطينيين مقابل مبالغ مالية وهذا امر بغاية الخطورة اذا وافق عليه العرب فهم يوافقون بذلك على" يهودية قلسطين".
المراجع:-التوراة
-التلمود
-كتاب بروتوكولات حكماء بني صهيون
-كتاب رسائل في اليهودية لجورج غارودي